الالتماس بإعادة النظر في القانون المصري: متى يجوز؟ وما هي حالاته وضوابطه؟
يُعد الالتماس بإعادة النظر أحد طرق الطعن غير العادية في الأحكام القضائية، وقد نظّمه المشرّع المصري بضوابط دقيقة، نظرًا لخطورة هذا الطريق الاستثنائي وما يترتب عليه من مساس بحجية الأحكام النهائية. ويهدف الالتماس إلى معالجة حالات محددة يظهر فيها خطأ جسيم أو واقعة جوهرية لم تكن مطروحة على المحكمة وقت إصدار الحكم.
أولًا: ماهية الالتماس بإعادة النظر
الالتماس بإعادة النظر هو طريق استثنائي يُتاح للطعن في الأحكام النهائية، متى توافرت إحدى الحالات التي نص عليها القانون صراحة. ولا يُعد الالتماس امتدادًا لدرجات التقاضي العادية، بل وسيلة قانونية ضيقة النطاق، لا تُقبل إلا في الحدود التي رسمها المشرّع.
وقد حرص القانون على قصر حالات الالتماس، حمايةً لاستقرار المراكز القانونية، ومنعًا لإطالة أمد النزاع دون مبرر.
ثانيًا: الحالات التي يجوز فيها الالتماس بإعادة النظر
حددت التشريعات المصرية حالات الالتماس على سبيل الحصر، ومن أبرزها:
إذا بُني الحكم على أوراق ثبت بعد صدوره أنها مزورة.
إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه تقديمها قبل صدوره.
إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم.
إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه.
إذا كان منطوق الحكم متناقضًا بعضه مع بعض.
إذا صدر الحكم على شخص لم يكن ممثلًا تمثيلًا صحيحًا في الدعوى.
وتُقدَّر هذه الحالات تقديرًا دقيقًا من المحكمة المختصة، ولا يُقبل التوسع فيها أو القياس عليها.
ثالثًا: الفرق بين الالتماس وطرق الطعن الأخرى
يختلف الالتماس بإعادة النظر عن الاستئناف أو النقض من حيث طبيعته وشروطه. فالاستئناف طريق عادي يُتاح قبل صيرورة الحكم نهائيًا، بينما يُعد النقض طريقًا لمراقبة صحة تطبيق القانون. أما الالتماس، فهو طريق استثنائي يُفتح فقط عند توافر سبب جديد أو خطأ جسيم لم يكن مطروحًا أمام المحكمة.
رابعًا: ميعاد الالتماس بإعادة النظر
الأصل أن يُرفع الالتماس خلال المواعيد التي حدّدها القانون، والتي تبدأ من تاريخ علم الملتمس بالسبب الذي بُني عليه الالتماس، وليس من تاريخ صدور الحكم ذاته في جميع الأحوال. ويُعد احترام الميعاد شرطًا جوهريًا لقبول الالتماس شكلًا.
خامسًا: ضوابط قبول الالتماس وأهميته العملية
لا يكفي مجرد عدم الرضا عن الحكم لقبول الالتماس، بل يجب أن يستند الطلب إلى سبب قانوني واضح ومحدد، ثابت بالأوراق. وتقوم المحكمة بفحص مدى جدية السبب قبل الخوض في موضوع الالتماس.
وتبرز أهمية الالتماس بإعادة النظر في كونه وسيلة لتحقيق العدالة في حالات استثنائية، دون الإخلال بمبدأ حجية الأحكام أو استقرار المعاملات.
خاتمة
إن الالتماس بإعادة النظر طريق قانوني دقيق، لا يُقبل إلا في أضيق الحدود، ويستلزم فهمًا عميقًا لشروطه وضوابطه. ومن ثم، فإن استخدامه يجب أن يكون بحذر، وبما يتفق مع نصوص القانون وأحكام القضاء، تحقيقًا للتوازن بين العدالة واستقرار الأحكام.